من المفترض أن يكون هُنا .. ينتظر رمضان معنا كما تعودنا كلّ سنة
لكن هي مشيئة الله أن تُفضى إليه روحه ..
.،
جدي الغالي أو كما تعودت أن أُناديك ” سيدي ” ..
كُنت أشعر أنها المرة الأخيرة التي أراك فيها عندما ودعتني وقلت : ” سامحيني يابنتي إن كان أخطيت في حقك ” ..
الدموع تخنقني .. تمنيت أن لا أعود للرياض وأبقى بجانبك ..
” أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك ” .. هي ما أملكها في ذلك الوقت لأقوله
.. في رمضان الماضي وأنا نائمة بجانبك أنت وجدتي .. كُنت أفكر .. كم من السنين سأنعم بالنوم إلى جانبكم ..
كانت هذه متعتي السريّة .. أتحجج بالإنزعاج من جميع الغرف حتى تستقبلاني ..
لم أكن أعلم أنها السنة الأخيرة التي سأنام بها إلى جانبك ..
كل تفاصيل ليلتك أتمنى لو أتقنها وأمارسها كل يوم كما تفعل ..
تقرأ الجريدة ، ثم تقرأ إحدى كتبك ، تقوم لصلاة الليل .. تغفو لساعة حتى يحين الأذان ..
تُردد مع المؤذن .. تقوم للوضوء .. تُصلي .. أسمع صوتك يلهج بالذكر .. حتى تقوم لفراشك وأنت تردد آيات من سورة البقرة أو الملك ..
ماشاء الله على حلاوة إيمانك .. ولذتها
.،
سيدي ..
نفتقدك كثيراً هنا ، ونخبئ دموعنا دوماً عن جدتي حتى لا ترانا .. كُلنا اجتمعنا في منزلك كما تحب
وبعد يومين سيدخل علينا رمضان .. سيعذبنا الفقد عند الفطور الأول .. لاأعرف كيف سنحتمله
كنتُ أتمنى أن تشهد رمضان معنا ..
كنتُ أتمنى أن تحضر يومَ فَرحي .. حتى أنني قررت أن يكون في مكة لكي لايشق عليك السفر ..
كنتُ أتمنى أقلها أن أراك قبل أن يشيعوا جثمانك .. حتى أودعك وأسعد بنور وجهك الوضاء ..
لكن كلها أماني لم يقدّر لها الله أن تتحقق
.،
أعِدك أن أعمل بوصيتك .. وأحفظ سورة البقرة وآل عمران ..
،، لاتخشى على جدتي فهي الحمدلله صابرة ومحتسبة ونحن من حولها لانفارقها ..
و أنا لازلت أنام بجانبها .. على فراشك =”) .. وساعتك المنبهة هي التي توقظنا للصلاة كلّ يوم
أعترف لك يا “سيدي” أنني بعد موتك صغرت الدنيا في عينيّ ..
وأصبحت أدرك أننا في غفلة عن الموت رغم أننا مؤمنون به إلا أننا نتجاهله
موتك صدمة أيقظتني على الحقيقة ..
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة:8]